فاة الرسول-صلى الله عليه وسلم-...يبكي لها الصخر..

....قبل الوفاة كان آخر ما قام به الرسول-صلى الله عليه وسلم- حجة
الوداع؛وبينما هو هناك نزل قول الله عز وجل:"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت
عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا"{المائدة3}؛ فبكى ابو بكر ؛فقال
الرسول-صلى الله عليه وسلم:"ما يبكيك في الآية؟" فقال أبو بكر رضي الله
عنه:"هذا نعي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-"


...بداية التوجع وزيارته شهداء أحد..
ورجع الرسول-صلى الله عليه وسلم-من حجة الوداع وقبل الوفاة بتسعة أيام نزلت آخر آية في القرآن:
"واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"{البقرة281}.
........وبدأ الالم يظهر على عل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال"أريد أن أزور شهداء أحد...
وراح لشهداء أحد؛ ووقف على قبورهم وقال:
"السلام عليكم يا شهداء أحد أنتم السابقون ونحن ان شاء الله بكم لاحقون واني بكم ان شاء الله لاحق"

وبينما هو راجع بكى؛ فقال الصحابة له:ما يبكيك يا رسول الله؟
قال:اشتقت لاخواني.
قالوا: أولسنا اخوانك يا رسول الله؟
قال:" لا ؛انتم أصحابي؛ أما اخواني قوم يأتون بعدي يؤمنون بي ولا يروني"

اشتداد الوجع...وحمله الى حجرة عائشة..

وقبل الوفاة بثلاثة ايام بدأ الوجع يشتد عليه؛ وكان ببيت السيدة
ميمونة-رضي الله عنها؛ فقال:"اجمعوا زوجاتي"فجمعت الزوجات؛فقال النبي-صلى
الله عليه وسلم- "أتأذنون لي أن أمر ببيت عائشة؟"؛ فقلن:"أذنالك يا رسول
الله"
فأراد أن يقوم؛ فما استطاع؛ فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن
العباس-رضي الله عنهم- فحملوا النبي-صلى الله عليه وسلم- وخرجوا به من حجرة
السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة.........

لكن الناس لأول مرة يرون الرسول محمولا على الأيدي..فتجمعوا وقالوا:ما لرسول الله.... ما لرسول الله.......؟
وبدأ الناس يتجمعون في المسجد؛ وبدأ المسجد يعج بالصحابة..ويحمل الرسول إلى بيت عائشة........

لا إله إلا الله...إن للموت سكرات...
ويبدأ
الرسول يتعرق ويتعرق...فتأخذ عائشة يده وتمسح بها عرقه..فلماذا تمسح بيده
لا بيدها؟ تقول عائشة-رضي الله عنها-:"يد الرسول-صلى الله عليه وسلم-أطيب
وأكرم من يدي؛فلذلك أمسح عرقه بيده هو وليس بيدي أنا..."
وتقول عائشة-رضي الله عنها:"فأسمعه يقول:"لا إله إلا الله إن للموت سكرات؛لا إله إلا الله إن للموت سكرات.."

قلق الصحابة عليه..
وبدأ الصوت داخل المسجد يعلو...فلما سمع النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:ما هذا؟
فقالت عائشة:إن الناس يخافون عليك يارسول الله..
فقال:احملوني إليهم؛ فأراد أن يقوم فما استطاع؛ فصبوا عليه سبع قرب من الماء لكي يفيق.
فحمل؛وصعد به إلى المنبر.......

وكانت آخر خطبة لرسول الله؛ وآخر كلمات له؛ وآخر دعاء له......

موعدكم معي عند الحوض...

قال النبي-صلى الله عليه وسلم-:"أيها الناس؛ كأنكم تخافون علي؟"
قالوا:"نعم يا رسول الله."
فقال:"أيها الناس؛موعكم معي ليس الدنيا؛ موعدكم معي عند الحوض؛والله ولكأني أنظر إليه من مقامي هذا.
أيها الناس والله ما الفقر أخشى عليكم؛ ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم..
أيها الناس؛ الله الله بالصلاة؛ الله الله بالصلاة...فظل يرددها ثم قال:
أيها الناس اتقوا الله في النساء؛أوصيكم بالنساء خيرا..
ثم قال:
إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله...
...فما
فهم أحد من هو العبد الذي كان يقصده؛فقد كان يقصد نفسه؛ سوى أبو بكر
الصديق؛ فلم يتمالك نفسه؛ وكان الصحابة معتادين على السكوت عندما يتكلم
الرسول كأن على رؤوسهم الطير؛وعلا نحيب ابي بكر في المسجد؛وقاطع الرسول
قائلا:فديناك بآبائنا يا رسول الله؛ فديناك بأمهاتنا يا رسول الله؛ فديناك
بأولادنا يا رسول الله؛ فديناك بأزواجنا يا رسول الله؛فديناك بأموالنا يا
رسول الله؛ ويردد ويردد.....

فنظر الناس الى ابي بكر شظرا{كيف يقاطع الرسول بخطبته..}
فقال رسول الله:"أيها الناس؛فما منكم من أحد له عندنا من فضل إلا كافأناه
به؛إلا أبا بكر؛فلم أستطع مكافأته فتركت مكافأته إلى الله تعالى عز وجل.كل
الأبواب إلى المسجد تسد إلا باب أبي بكر لا يسد أبدا..."

آخر دعواته قبل وفاته...
ثم بدأ يدعو ويقول"أراكم الله؛ حفظكم الله؛ نصركم الله؛ ثبتكم الله؛ أيدكم الله؛حفظكم الله"

وآخر كلمة قبل أن ينزل عن المنبر موجه للأمة من على منبره:
"أيها الناس؛ أقرئوا مني السلام على من تبعني من أمتي إلى يوم القيامة"

ريق عائشة..آخر ما دخل جوف الرسول..
ولما
حمل إلى بيته دخل عليه وهو بالبيت عبد الرحمن بن أبي بكر وكان بيده
سواك؛فظل النبي ينظر إلى السواك ولم يستطع أن يقول أريد السواك؛فهمت عائشة
ذلك؛وأخذت السواكواستكت به؛ لكي تلينه للرسول؛وأعطته إياه؛
تقول عائشة:"كان من فضل ربي علي أنه جمع بين ريقي وريق النبي-صلى الله عليه وسلم-قبل أن يموت"

همس في أذن فاطمة..فبكت ثم ضحكت
ثم دخلت ابنته فاطمة فبكت عند دخولها؛
بكت لأنها كانت معتادة كلما دخلت وقف وقبلها بين عينيها ولكنه لم يستطع الوقوف لها..
فقال لها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-"ادني مني يا فلطمة"
فهمس لها بأذنها فبكت.
ثم قال لها ثانية"ادني مني يا فاطمة"
فدنت فهمس لها أخرى فضحكت.
وبعد وفاته سئلت عن سبب ذلك فقالت:لأول مرة قال لي:يا فاطمة إني ميت الليلة.
فبكيت..ولما وجد بكائي رجع وقال لي:أنت يا فاطمة أول أهلي لحاقا بي.فضحكت..

بل الرفيق الأعلى...
ثم قال الرسول-صلى الله عليه وسلم-"أخرجوا من عندي بالبيت؛وقال"ادني مني يا عائشة"ونام على صدر زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها.
قالت عائشة: كان يرفع يده إلى السماء ويقول:" بل الرفيق الأعلى؛ بل الرفيق
الأعلى.."فتعرف من خلال كلامه أنه يخير بين حياة الدنيا وبين الرفيق
الأعلى.
فدخل جبريل على النبي؛وقال: ملك الموت بالباب ويستأذن أن يدخل
عليك؛ وما استأذن من أحد من قبلك؛ فقال لهااذن له يا جبريل ودخل ملك الموت
وقال: السلام عليك يا رسول الله ؛ أرسلني الله أخيرك بين البقاء في الدنيا
وبين ان تلحق بالله.

فقال النبي:" بل الرفيق الأعلى؛ بل الرفيق الأعلى"

ومات رسول الله..

وقف ملك الموت عند رأس النبي{كما سيقف عند رأس كل واحد منا}وقال:
أيتها الروح الطيبة روح محمد بن عبد الله اخرجي إلى رضى من الله ورضوان؛ ورب راض غير غضبان.
تقول السيدة عائشة:"فسقطت يد الرسول-صلى الله عليه وسلم-وثقل رأسه على
صدري فقد علمت انه مات. وتقول:ما أدري ما أفعل فما كان مني إلا أن خرجت من
حجرتي إلى المسجد حيث الصحابة.

وانفجر المسجد بالبكاء..

وقلت
: مات رسول الله مات رسول الله مات رسول الله فانفجر المسجد بالبكاء؛
فهذا علي أقعد من هول الخبر؛ وهذا عثمان بن عفان كالصبي يأخذ بيده يمينا
ويسارا وهذا عمر بن الخطاب يقول:إن قال أحدكم أنه قد مات سأقطع رأسه بسيفي؛
إنما ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه.
أما أثبت الناس كان أبا بكر ؛فدخل على النبي وحضنه؛وقال: وا خليلاه؛وا حبيباه؛ وا أبتاه؛ ثم قال:طبت حيا وطبت ميتا.
وخرج أبو بكر إلى الناس وقال:

أيها الناس؛ من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات؛ ومن كان يعبد الله فإن
الله حي لا يموت..."ثم خرج يبكي ويبحث عن مكان ليكون وحده؛ ويبكي وحده"...

هكذا مات سيد الخلق؛ هكذا غابت شمس الحياة ونورها الغياب الأخير الذي لا شروق بعده إلى يوم القيامة.......

مات رسول الله؛ لكنه سيبقى دائما حيا في قلوبنا........مات الجسد وخلدت الروح الى الأبد............

لبيك يا رسول الله؛ لبيك يا حبيب الله؛لبيك يا..........