" و من قعد فلا حرج . يقوله المؤذن في آخر أذانه في اليوم البارد " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 203 :
أخرجه ابن أبي شيبة في " المسند " ( 2 / 5 / 2 ) : أخبرنا خالد بن مخلد قال :
حدثني سليمان بن بلال قال : حدثني يحيى بن سعيد قال : أخبرني محمد بن إبراهيم
بن الحارث ( الأصل : بن نعيم بن الحارث ) عن نعيم النحام - من بني عدي بن كعب -
قال : نودي بالصبح في يوم بارد و أنا في مرط امرأتي , فقلت : ليت المنادي ينادي
و من قعد فلا حرج , فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و
هذا إسناد صحيح عزيز على شرط الشيخين .
( فائدة ) : في هذا الحديث سنة هامة مهجورة من كافة المؤذنين - مع
الأسف - و هي من الأمثلة التي بها يتضح معنى قوله تبارك و تعالى : *( و ما جعل
عليكم في الدين من حرج )* , ألا و هي قوله عقب الأذان : " و من قعد فلا حرج " ,
فهو تخصيص لعموم قوله في الأذان : " حي على الصلاة " المقتضى لوجوب إجابته
عمليا بالذهاب إلى المسجد و الصلاة مع جماعة المسلمين إلا في البرد الشديد و
نحوه من الأعذار . و في ذلك أحاديث أخرى منها حديث ابن عمر : " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذنا يؤذن , ثم يقول في أثره : " ألا صلوا في
الرحال " . في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " . متفق عليه , و لم يذكر
بعضهم " في السفر " و هي رواية الشافعي في " الأم " ( 1 / 76 ) و قال عقبه
: " و أحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه . و إن قاله في أذانه
فلا بأس عليه " . و حكاه النووي في " المجموع " ( 3 / 129 - 131 ) عن الشافعي ,
و عن جماعة من أتباعه , و ذكر عن إمام الحرمين أنه استبعد قوله : " في أثناء
الأذان " , ثم رده بقوله : " و هذا الذي ليس ببعيد بل هو السنة , فقد ثبت ذلك
في حديث ابن عباس أنه قال لمؤذن في يوم مطير - و هو يوم جمعة - : " إذا قلت :
أشهد أن محمدا رسول الله , فلا تقل : حي على الصلاة , قل : صلوا في بيوتكم " .
رواه الشيخان " .
قلت : و هو مخرج في " الإرواء " أيضا ( 554 ) . و نقل الحافظ
في " الفتح " ( 2 / 98 ) عن النووي بعد أن حكى عنه جواز هذه الزيادة في الأذان
و آخره أنه قال : " لكن بعده أحسن ليتم نظم الأذان " . و لم أره في " المجموع "
. و الله أعلم . و اعلم أن في السنة رخصة أخرى , و هي الجمع بين الصلاتين للمطر
جمع تقديم , و قد عمل بها السلف , و فصلت القول فيها في غير ما موضع , و من ذلك
ما سيأتي تحت الحديث ( 2837 ) و هذه الرخصة كالمتممة لما قبلها , فتلك و الناس
في بيوتهم , و هذه و هم في المسجد و الأمطار تهطل , فالرخصة الأولى أسقطت عنهم
فرضية الصلاة الأولى في المسجد , و الرخصة الأخرى أسقطت عنهم فرضية أداء الصلاة
الأخرى في وقتها , بجمعهم إياها مع الأولى في المسجد . و صدق الله القائل : *(
و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )* .